الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

.  الــبــط ء الــتــعــلّــمـي
0.1 مفهوم البطء التعلمي:

لا نقدم هنا المفاهيم الواردة في المراجع حول البطء التعلمي لأن ذلك يشمل كل من لم يواكب زملاءه في الدراسة وتخلف عنهم لعدة أسباب قد تكون نفسية أو عضوية أو اقتصادية أو ثقافية... وإنما نقتصر على أولئك المتعلمين الذين لا يعانون من أي نقص أو عاهة ومع ذلك بطيئين في تعلمهم لأسباب قد تكون خارجة عن نطاقهم (نمطية التدريس مثلا) أو أن استراتيجيات التفكير التي يمتلكونها تختلف عن تلك التي يفرضها عليهم المدرس، مما يجعلهم لا يستطيعون متابعة مسار الدروس الذي ينتهجه هذا الأخير. وبعد تكرار محاولاتهم في المتابعة لكن دون جدوى تظهر لديهم القناعة بعدم استطاعة التعلم، ومن هنا تظهر لديهم سلوكيات شاذة، وهي نتيجة  وليست أسبابا كما يعتقد البعض من الذين يدرجون هذه السلوكيات ضمن أسباب البطء التعلمي.

فالمبطئ في تعلمه هنا هو ذلك المتعلم العادي والذي لا يعاني من أية إعاقة جسمية أو تخلف عقلي أو اضطراب نفسي، ومع ذلك لا يتمكن من الاستفادة من التعليم الذي يقدم له من قبل المدرس – في مادة واحدة أو أكثر – ويظهر هذا التأخر في أنواع الإجابات التي يقدمها لأسئلة الاختبارات الفصلية أو في أي اختبار شفهي كان أو كتابي، وفي الدرجات المنخفضة التي يحصل عليها؛ وحتى إن نجح مرة أو أكثر فلا يكون واعيا بنوع الإجابة التي قدمها إن كانت هي صحيحة أم خاطئة، مما يؤكد عدم وعيه بمدى صحة ما يكون قد يتعلمه.

الكفايات العامة الضرورية للمعلمين لتعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة:
  1. القدرة على ملاحظة وتسجيل سلوك الطلاب في المواقف الصفية المختلفة.
  2. القدرة على العمل كعضو فاعل في الفريق متعدد التخصصات الذي يصمم وينفذ ويقيم برامج الدمج.
  3. التمتع بمستوى مقبول من المعرفة حول فئات الاحتياجات الخاصة وأسبابها وأبعادها التربوية النفسية.
  4. معرفة خصائص النمو الطبيعي في مراحل الطفولة.
  5. معرفة مبادئ وأساليب تطوير البرامج التربوية الفردية.
  6. القدرة على تفسير أهم المعلومات الواردة في التقارير الطبية والنفسية _ التربوية حول الأطفال.
  7. بناء علاقات عمل مناسبة مع الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بتدريب وتربية الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
  8.  القدرة على تكييف الاختبارات وأدوات التقييم المختلفة بما يتلاءم وطبيعة الاحتياجات الخاصة.
  9.  التمتع بالمعرفة الكافية حول النشاطات المرغوب فيها والنشاطات الممنوعة لكل فئة من فئات الاحتياجات الخاصة.
  10. القدرة على بناء علاقات عمل بناءة ومفيدة مع أسر طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
  11.  القدرة على تنظيم البيئة الصفية على نحو يسمح للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بالإفادة والمشاركة في الأنشطة التعليمية إلى أقصى حد ممكن.
  12.  القدرة علة تكييف الوسائل التعليمية لتتلاءم وطبية الاحتياجات الخاصة للطالب.

الثقافة والهوية

الثقافة والهوية
ليس ثمة من تعريفٍ ناجزٍ ونهائيٍّ لكلٍّ من "الثقافة" و "الهوية" نستطيع استعارته، باطمئنان، وتأسيس الكلام على معطياته؛  ولذلك، ربما يكون للاستضاءة بتعريفات سبق اقتراحها من قبل مفكِّرين أطلوا على المصطلحين من منظور حقول معرفية عديدة، أنْ يسهم في إثارة أسئلة تساعد على فتح حوار فكريٍّ شُجاعٍ وخلاَّق!
أولاً: الثقافة
ما الثقافة؟ وما مكوناتها:
الجذر اللغوي للكلمة ثقافة هو الفعل الثلاثي "ثَقِفَ" أو "ثَقُفَ" بمعنى حَذَق أو مَهَرَ أو فَطَنَ (أو فَطِنَ) أي صار حاذقاً ماهراً فطناً فهو "ثَقِفٌ"، وقد ثَقِفَ ثَقَفاً، و"ثَقَافَةً"، وثقَّف الشيءَ أقام المعوَجَّ منه وسواه، وثقَّف الإنسانَ أدَّبه وهذَّبه وعلَّمه. ويرتبط الفعل "ثَقِف" بدلات ومعانٍ أخرى قد تضيء فهمنا لهذه الدَّلالة الرَّئيسة، ومن ذلك ارتباطه بإدراك الشَّخص أو الشيء أو إصابَتٍهِ والظَّفَرُ به، أو صقلُه وتسويته، حيث ورد في القرآن الكريم قوله تعالى "ملعونين أينما ثُقِفُوا أُخِذوا وقُتِّلوا تَقْتِيلا" (الأحزاب، الآية 61)، وقوله "واقتلوهم حيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" (البقرة، الآية 191 - والنساء، الآية 91).
ويُعرِّف مجمع اللغة العربية الثقافة بأنها "العلوم والمعارف والفنون التي يُطْلَبُ الحَذَقُ فيها"(1).
وثمة تعريف للثقافة من منظور علم البيولوجيا (الأحياء) Biology وتعريف آخر من منظور علم السوسيولوجيا Sociology (الاجتماع)، ويكاد تعريفها من منظور هذا العلم أن يبلغ مائتي تعريف، أو صيغة تعريف، أو ربما ما يزيد على ذلك.
تدلُ الثقافة، في علم البيولوجيا، على نمو الخلايا الحية والأنسجة في الظروف المختبرية، ويرتبط هذا التعريف، كما نرى، ارتباطاً وثيقاً بالمعنى اللغوي للكلمة Culture، الذي يحيل إلى الزراعة أو المزرعة والزَّرع وإلى ما تتضمنه معاني هذه الكلمات من إيحاء بالاستقرار والتحضُّر وبدء الحياة في مجتمعات مستقرة متفاعلة ومتعاونة، صارت فيما بعد قرى وبلدات ومدن!
ومن منظور علم الاجتماع، يأخذ التعريف اللغوي السابق في التوسُّع والتعمُّق على يد علماء عديدين (جيرارد أودونيل، ماكس فيبر، ماركس، وغيرهم)، ليصبح تعريفاً اصطلاحياً يُشير إلى طريقة الحياة التي تتمكن جماعة بشرية من تأسيسها لتكون مقبولةً من جميع أفراد الجماعة، وملائمةً لهم كمجموع، وهي طريقة تتضمَّن أساليب الإدارة وآلياتها، ونمط التفكير، وآداب السلوك والمعتقدات، أو منظومة الأخلاق والقيم التي تحكم الجماعة، وكذلك اللغة، ونمط العيش بما يتضمنه من مسكن ومأكل ومشرب ومن علاقات وأنظمة سلوك تؤسس التواصل بين الفرد والفرد، وبين الفرد والجماعة، وبين الفرد والطبيعة، وبينه وبين الوجود.
 الثقافة، إذنْ، هي جماع الأنظمة المادية والروحية التي ابتكرها الإنسان لتحكم سلوكه فيما هو ذاهبٌ إلى الارتقاء بهويته وذاته ونمط حياته والإعلاء من شأن وجوده في الحياة عبر الانخراط في صيرورة هي الثابت الوحيد في هذه الحياة، وعبر الاحتفاظ بأبنية ثقافية تحملها اللغة إلى الأجيال اللاحقة كي تسكنها وتتولَّى تعديلها أو إعادة إنتاجها وفق حاجاتها وشروط تطورها.
ولئن كان إدوارد تايلور قد أحصى ما يزيد على مائتي تعريف للثقافة، فإنه خلص إلى تعريف شامل تمثل في مقترحٍ مفاده أنَّ "الثقافة هي ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعارف والمعتقدات والفنون والآداب والأعراف والقوانين وغير ذلك من منجزات الإنسان كفرد أو كمجتمع"
وفي العام 1985عرَّفت منظمة اليونسكو الثقافة بأنها "جميع معارف الإنسان المتعلقة بالطبيعة والمجتمع"(2).
وربما نكون في حاجة إلى التمييز بين ثقافة مثقفة أو ثقافة عارفة، عالمة، وأخرى ليست كذلك، أي غير عالمة، أمية، جماهيرية، ذلك لأن الأولى تنهض على تأطير معرفي لتجارب الحياة، على تسمية لها وقبض معرفيٌّ عليها عبر القراءة والتحليل والاكتشاف والتجريد والتدوين والحفظ في مدونات معرفية، بينما تظلُّ الثانية مسكونةً بالمتخيل، وبالوهم، وبالأيدلوجيا المتراكمة طبقات فوقها، وهو ما يجعلها في حاجة إلى تحليل يؤدي إلى امتلاكها معرفياً، وإلى تشذيب معرفيٍّ يُكْسِبُها قدراً من الرَّشاقة التي تجعلها قادرةً على الخطو في محاذاة الثقافة العارفة، والانخراط في نسيجها.
تبدأ الثقافة من لحظتينلحظة اكتشاف النار ولحظة اكتشاف القناع، وليس لأيٍّ من هاتين اللحظتين أنْ تقلَّ أهميةً وخطورةً عن اللحظة الأخرى(3).
هكذا تكون الثقافة أوسع من مجرد الإبداع الأدبي والفني أو الفكري، لتصبح حاضنةً لإبداعات وابتكارات جديدة ولوسائل وأساليب وأدوات وطرق عيش، مبتكرة أو منقولة، تشبع حاجة ضرورية أو تكون كمالية تتوخَّى الترفيه أو التزيين أو التجميل، هادفةً في كل حال إلى تيسر الأمور وتسيير الحياة وحل المشكلات وحفظ المآثر والمنجزات، وإشباع الرَّغبات وتلبية الأشواق!
ولعلنا نستطيع، في ضوء ما تقدَّم، أنْ نقول إنَّ  الثقافة، في جانب مهم من مكوناتها ودلالاتها، هي حقول من الخبرات والتجارب والمنجزات المؤطَّرة لغوياً ومعرفياً والتي يمكن من خلالها تمييز الهويات!
وربما تكون اللغةُ، بوصفها مؤسسة المؤسسات، هي التي تُحَدِّدُ انتماء الأفراد لثقافة معينة، وربما تكون علاقة كل فرد بلغته هي جوهر العلاقة التي تُساعده على تملك ثقافة معينة، وهو الأمر الذي  يعني أنَّ التمكن من اللغة مدخل لا غنى عنه للتمكن من الثقافة، وأنَّ الأنماط اللغوية ليست مجرد أنظمة وأشكال فحسب وإنما هي عوالم بشريةٌ، وبيوتٌ مكتنزةٌ بأشكال الحياة، أي بالثقافة.
ثانياًً: الهوية
الهُوِيَّة: لغوياً وفلسفياً:
يُعرِّف "المُعْجَمُ الوسيطُ" الصادر عن مَجْمَعِ اللُّغة العربية "الهُوِيَّةَ"، فلسفياً، بأنها: حقيقة الشَّيء أو الشَّخص التي تميزه عن غيره. وفي تعريفه لمصطلح "الهُوَ"، من منظور التََّصوف، يذكرُ المعجم أنه "الغيبُ الذي لا يصحُّ شهوده للغير كغيبِ الهُويَّة المُعبَّرِ عنه كُنْهَاً باللاتعيُّن، وهو أبطنُ البواطن". ويذهب المُعْجَمُ إلى تحديد معنى آخر للهويَّة حين تُضاف إلى الكلمة "بطاقة"، أو تُوصف بالنَّعت "الشَّخصية"، لتجعلنا نحصل على المصطلح "بطاقة الهُويَّة" أو "البطاقة الشَّخصية"، المُتَدَاوَلين حديثاً، فيذكرُ أنَّ "الهُوِيَّةَ بطاقة يثبتُ فيها اسمُ الشَّخص وجنسيتهُ ومولدهُ وعمله" (4).
وفي كتابه "التعريفات" يُعَرِّفُ الجرجاني (السيد الشريف علي بن محمد) الهُوِيَّةَ بأنها: "الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق إشتمال النُّواة على الشجرة في الغيب المطلق" (5).
أما قاموس إكسفورد الذي يبدو أنه أحد مصادر تحديث تعريف الكلمات في المعاجم العربية الحديثة، فإنه يُعرِّف الهوية بوصفها "حالة الكينونة المتطابقة بإحكام، أو المتماثلة إلى حدِّ التطابق التام أو التشتابه المطلق. والكينونة، هنا، تتعلَّق بالشيء المادي أو بالشَّخص الإنساني.
وربما نستخلص من العبارات والأمثلة القليلة التي يُوردها قاموس إكسفورد،  أنَّ الأمر يتعلَّق بالتطابق التام ما بين باطن الشيء وظاهره، أو بتماثل التجليات الظاهرة لأي كينونةٍ مع جوهرها العميق، بلا انفصام أو انشطار مهما ضئل، بحيث تتبدَّى الهُوٍيَّةُ، في تراسلٍ مع تعريفها الذي يقترحه الجرجاني أو المعجم الوسيط أو معجم أكسفورد، وفي توافق مع التعريف الصُّوفي لمصطلح "الهُوَ"، بوصفها مكونة من خصائص الشيء، أو الشَّخص، المطلقة (أهي المتخيلة والمجرَّدة أيضاً؟)، المشتملة على صفاته الجوهرية التي تجعله مميزاً عن غيره تَمَيُّزاً يُكسبه فرادته وخصوصيته، ويُحدِّد الصُّورة التي يحملها في نفسه عن نفسه، والتي ستؤثِّر، بطريقة أو بأخرى، في تحديد المنظور الذي سيعتمده لإحالة ذاته إحالةً موضوعيةً في العالم، والذي سيُطلُّ من خلاله على الآخرين ليرسم الصُّورة التي سيكونها في نفسه، ولنفسه، عنهم.
وربما يكون لآليات عملية تحوُّل النُّواة إلى شجرة، أو تحوُّل المجرَّد إلى مجسَّّد عبر تنزيل الأفكار والقيم المطلقة وقائعَ عيانيةً وتصرُّفاتٍ يمكن اقتناصها وإدراكها والإمساك بها، أنْ تكون ذاتُ فائدةٍ ونفع في تأويل الصُّورة الاستعارية التي يحاول الجرجاني من خلالها أن ييثير في عقلنا، وربما في مخيلتنا، شبكة من الدلالات التي تمكننا ملاحقتها من القبض على المعاني المفهومية المتشعبة التي يبثُّها مصطلح الهوية، لغوياً وفلسفياً، ومن إدراك المكونات الجوهرية التي تُكْسِبُ هذه المصطلح مفهومه العنيق ودلالته البعيدة.  فما الهوية، في هذا الضوء، وما هي مكوناتها؟
الهُوية بنيةٌ مُتَحوِّلة، وقيمٌ جوهرية قابلة للتنزيل:
ليست الهوية بنيةً مغلقةً وإنما هي بنية مُتَحَوِّلةٌ باستمرار، ولكن على محور ثبات!إنها مصطلح يعكس نفسه تحت مجهر الزَّمن ومعاييره، وفي سياق علاقة تبادلية تنهض على تفاعل، متحقِّقٍ أو مكبوح، مع معطيات الوجود ومكونات المحيط، بحيث لا يُمكن التعامل معه بمعزلٍ عن إدراك مناحي تأثُّره بالسلطة الزَّمنية للتاريخ، وبمعطيات حركة الحياة وغايات الحراك، أو السُّكون، الثقافي: الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، والقانوني، الخ.
وليست الهوية، في هذا الضوء، واقعاً ثقافياً أو مجتمعياً ناجزاً، وإنما هي قيم جوهرية تتنزَّل في واقعٍ تتجدد فيه بفعل فهم الإنسان وإدراكه وديناميته، وقدرته على مواجهة مشكلات حياته وعصره، وتخطِّى الضَّرورات التي تحكمه، وتحدُّ من مدارات حريته، أو هي قيمٌ جوهريةٌ تكون معرَّضةً لأنْ تفقد جوهريتها إنْ هي جَمُدَت أو ماتت، أو فقدت استمرار كينونتها في مطلق تجوهرت في رحابه، وذلك إنْ توقَّفت عن أنْ تكون قابلةً للتنزيل في واقع الحياة الإنسانية، أو كفَّ الإنسانُ عن قراءة رسائل الوجود، أو استمرأ العيشَ في حاضرٍ من الإغراق في الجهل، والرَّكون إلى حائط زمنٍ أفقي لا يعرف كيف يكون زمناًً حاشداً موَّاراً بالحياة، أو تماهى بماضٍ تستحيلُ استعادته، أو بمستقبل لا يُمكن الوصولُ إليه!
ولأنَّ الهوية هي القيم المطلقة والخالدة التي تسهمُ في صوغ حقيقة الإنسان الممكنة كحقيقةٍ تتأسَّس عليها إمكانية ذهابه في رحلةٍ تحمله إلى كمالٍ مُحتمل؛ ولأنَّ الهُويةَ تُماثل النُّواة (أو البذرة) من حيث ممكنات تحوِّلهما إلى شجرة أو نبتة، حيث كلاهما جوهرٌ كامنٌ قابلٌ للانخراط في صيرورةٍ تُحوِّله، فإنَّ الهوية هي ثابتُ الإنسان وتحولاته، أو هي جوهره المجرَّد وتجلياته العيانية الممكنة، والمتغايره، والمتحوِّلة في سياق صيرورة دائمة.
إنها، إذنْ، حقيقتنا التي تحتاج جهدنا الإنسانيٍّ الدَّؤوب كي تتجسُّد في الوجود عبر طموحنا اللاهب وقدرتنا الخلاَّقة على إحالة ذواتنا إحالةً موضوعيةً في العالم. وهي قيمنا المتعالية، المجردة، المطلقة، التي تتوق إلى التنزُّل في الحياة العملية عبر وقائع فعليةٍ وأنماط سلوك ومواقف وتصرُّفات، وبرامج عملِ تؤسِّس حقائق حضارية ثقافية واجتماعية وفكرية واقتصادية وسياسية الخ.
وتأسيساً على ذلك، فإنَّ للهوية، باعتبارها منظومةَ قيمٍ مُطْلقةٍ وبنيةً مُتَحوِّلةً في آن معاً،  وظيفةً حضاريةً تفضي بالإنسان إلى صعود مراقي التطوُّر والتقدُّم والازهار، وتنجز أهدافاً في تحفيز مسيرة الرُّقي الإنساني، وفي بناء حضارة البشر على نحوٍ يمكِّن الإنسان من الاستمرار في رحلة وجودية  تحمله من كمالٍ متحقَّقٍ إلى كمالٍ محتمل.
وتأسيساً على، فإنَّ قراءة الهوية، ومُسَاءَلتها، ليست مجرَّد عملية تنتمي إلى ترفٍ فكريِّ زائد عن الحاجة، وإنما هي نشاطٌ إنسانيٌّ ضروري ينبغي له أن يكون دؤوباً كي يُسهم في تجديد الهوية والارتقاء بها والإعلاء من شأنها عبر إحسان عملية تنزيل مطلقاتها في واقع الحياة الإنسانية: من أنا؟ وكيف صرتُ على ما أنا عليه؟ ما هي العناصر التي تُشكِّل هُويتي؟ ما ثابتها وما متحولها؟ وعلى أي محور ثابت تحدث تحولاتها؟ وكيف يُمكن لمنظومة القيم المطلقة التي تشكِّل عناصر ثابتة في هويتي أن تترجم إلى تصرفات وأفعال وأنماط سلوك؟ إلى برامج عمل تعالج مشكلاتي الوجودية (الوطنية والإنسانية والحياتية اليومية) ووقائع تستجيب لضرورات وإشكاليات وجودي، وشروط واقعي، وطموحي الإنساني الهادف إلى توسيع مدار حريتي؟
ومع أنَّ الإنسان في حاجة إلى إعمال مخيلته كي يحلم بهوية يتطلَّع أن يكونها، وكي يرسم لنفسه خطة عمل لمستقبلٍ قلبل للتحقيق، فإنَّه يحتاج إلى استبعاد ذلك عندما يعمد إلى قراءة الهوية ومساءلتها، إذْ ليس لأي قراءة تنحكم إلى أي نمطٍ من أنماط التفكير الرَّغائبي، أو الخيالي الجامح، أو السكوني الجامد، إلا أنْ تأخذ الإنسان بعيداً عن حقيقته، وتبعده عن معرفة ذاته معرفةً يصحُّ أن تُعرَّف بأنها "رأس المعرفة".
وربما نحتاج إلى أنْ نقرأ "هُويتنا" قراءة متوازنة تدرك قوانين التطور والتغير، وتحلل العلاقات القائمة بين الظواهر المعاصرة والتاريخ والقيم المطلقة المتعالية على الزمان والمكان، وذلك كي نحسن فهم "مفهوم" هذه الهوية، وكي نؤسِّس تحولاته الممكنة على تفاعل الحاضر مع الماضي الحي، ومع آفاق التطور الإنساني المفتوح، ومع الحاجة إلى تنزيل القيم المتعالية إلى وقائع حيَّة.
ومن الحقَّ أنَّ معرفة الذات الفردية والجماعية معرفةً عميقةً ومتشعِّبةً تفضي إلى تصفيتهما من الوهم والإيديولوجيا والأخيلة الزائفة والجموح الفارغ، إنما هي القاعدة التي يُمكن أنْ يتأسَّس عليها الكلام على الهُويةِ بوصفها ثروةً حضارية. وبهذا المعنى، فإنَّ الهوية ليست مطلقاً يسبح فيفضاءٍ بلا هُوية، وإنما هي "ذاتٌ إنسانية"، فردية أو جماعية، تنصهر في "ذات ثقافية" تقوم على التعدُّد والوحدة، وعلى التَّحول الدَّائم على محور ثبات، تماماً مثلَ القناع الذي هو "بنيةٌ عميقة، أو  منظومة علاقات ثابتةٍ ومتحوِّلة يُمكن إدراكها من خلال المحور الثابت الذي تتحرَّك عليه تحولات تُرسَّخ دلالة أنَّ الهوية في تخلُّق مستمرٍ، وأنَّ الذات لا تجد حضورها إلا بانفتاح الأنا على ذاتٍ تتجسَّد في آخر سواها"(6) .
وفي مسعى من جانبنا للشُّروع في الكلام على العلاقة ما بين الثقافة الفلسطينية، والهوية الفلسطينية عبر توضيح العلاقة التفاعلية ما بين الهوية كـ "ذات إنسانية"، والهوية كـ "ذات ثقافية"، بوصفها علاقة لا يُمكن أنْ تتحقَّق إلا في سياق إنسانيٍّ حضاريٍّ مفتوح، دعونا نتأمَّل قليلاً في عبارة جاءت محمولةً على صوتٌ نطق قصيدةً كتبها الشَّاعر محمود درويش! تقول العبارة:
" كلُّ الشعوبِ تزوَّجت أمي وأمي لم تكنْ إلا لأمي"(7)
ربما نستطيع عبر إمعان الإصغاء إلى هذا الصَّوت أنْ نكتشف نبرة الذات ونبرات الجماعة وقد توحدتا في نبراته ليصير صوتَ مفردٍ في صيغة جمع، أو جمع في صيغة مفرد، وذلك على نحوٍّ تتبدَّى معه الذات الإنسانية الفردية وقد التحمت بالذات الإنسانية الجماعية مُجسَّدةً في "ذات ثقافية مُشتركة" تتأسَّس على خصائص جوهرية تتحدَّد، جوهرياً، عبر اختلافٍ يُميزها عن ذوات ثقافية أخرى تتميَّز عنها، أو تتعارض معها. وهكذا صارت الذات الفلسطينية، في دلالة العبارة التي نحاول قراءة دلالاتها،مرآةً للأنا والنَّحن اللذين تبديا بوصفهما مجالاً حيوياً لحضور تلك الذّات الكلية الجامعة واقفةً أمامَ مرآتين متناظرتين تتبادلان الانعكاس: مرآة الثقافة، ومرآة الهوية.
وأيضاً، ربما نستطيع أن نقرأ في هذه العبارة، المحمولة على صوت تعرَّفنا بعضَ خصائصه، إلماحاً إلى وحدة الهوية مع الإقرار بتعددية مصادرها الثقافية، مثلما نستطيع أنْ نقرأ فيهاما يُشير إلىإيغال الذات الثقافية الفلسطينية في قدمٍمكَّنها من الانفتاح على حضارات أمم العالم وشعوبه جميعاً،انفتاحاً لم يحل دونها وتأكيد فرادتها وتميزها عبر الاحتفاظ بمطلقاتها وخصائصها المميِّزةِ هُوِيَّةَ مُبْدعِها (أي الإنسان الفلسطينيِّ) منزَّلةً، باستمرار، في منجزاتٍ ثقافية حفل بها تاريخها الممتد منذ كانت في الحياة أمٌّ وكان أب، والذي سيواصل الامتداد طالما ظلَّ في الوجود إنسان فلسطينيٌّ قادر على التقاط رسائل الوجود وبثِّها محمولةً على صوت يقول:
" كلُّ الشُّعوبِ تزوَّجت أمي وأمي لم تكنْ إلا لأمي"
وفي ضوء ما حقَّقه الحضورُ النَّصي لناطق هذه العبارة من إمكانية مجرَّدة أو فعلية لتحقيق "وجود دائم في الوجود"، ربما نستطيع أنْ نخلص إلى أنَّ لمحمولات العبارة التي ينطقها هذا الصَّوت أنْ تصدق على الماضي، سواء أكان موغلاً في القدم أم قريباً، بقدر ما لها أنْ تصدُق على حاضرٍ يؤهلها لأنْ تكون قابلةً للانفتاح على مستقبل مفتوح تصدُق فيه، فتكون هي المحور الثَّابت الذي تتحرَّك عليه تحولات محمولةً على صيرورة الزَّمان.
وربما يكون لقراءة علاقات هذه العبارة بالسياق النَّصي الذي وردت فيه، وباللحظة الزَّمنية التي تحقَّق فيها للشَّاعر أنْ يستلَّها من نسيج شبكة الوجود، أنْ تمكَّننا من إدراك الدَّوافع الواقعية التي حفَّزت مخيلته وأثارت وجدانه كي ينهض ساعياً وراء اقتناصها، وبثِّ شبكة دلالاتها. وهل ثمة من دوافع يُمكن تصورها لذلك سوى الدوافع الكامنة في تعرُّض الذات الكلية الجامعة الواقفة أمام مرآتين متناظرتين، لتهديد جسيمٍ شرعَ في تعريض المرآتين للانكسار والتشظِّي، بحيث لا تعود هذه الذّأت قادرةً على رؤية نفسها في مراياها! وهل ثمة ما هو أخطر وأفدح من تعرُّض فلسطين: إنساناً، وشعباً، ووطناً، وثقافةً، وهويةً، للغزو الصهيوني الذي اندلع جحيمه منذ مطالع القرن الماضي!
ثالثاً: الثقافة الفلسطينية والهوية المُهدَّدة
نستطيعُ، في ضوء ما تقدَّم، أنْ نذهب إلى استنتاج مؤداه أنَّ الهوية الفلسطينية ليست هويةً إشكالية تتعارض فيها مكونات الثقافة مع خصائص الهوية الوطنية -  القومية، فالهوية الفلسطينية المعاصرة المؤسَّسة على ثقافة إنسانية عريقة، والطالعة من معاناة القهر ومساعي التهميش والطمس والإلغاء، والتي أعادت إنتاج نفسها عبر مسيرة نضالٍ وطنيِّ تحرُّريٍّ شاق وعنيد، قد حصَّنت نفسها، باستنهاض ما اختزنته جذورها الثقافية العريقة، من السقوط فيما نهضت لحماية نفسها منه ومقاومته، ولذلك فهي تتأسس على عمق ثقافيِّ منفتحٍٍ على ثلاث جهات هي: التاريخ الفلسطيني الموغل في القدم؛ معطيات الحاضر الموسوم بالنضال التَّحرُّري؛ وممكنات المستقبل المفتوح على استعادة القدرة على المشاركة في صنع الحضارة الإنسانية، وذلك في تواشجٍ متصل مع نهوض هذه الهوية، أولاً وقبل كلِّ شيء، على رؤى مستنيرة، وعلى مبادئ إنسانية متفتحة، وعلى قيمٍ ومعايير تحترم الإنسان، وتحمي حقوقه وحرياته جميعاً.
وبهذا المعنى، فإنَّه لا بدَّ لأيِّ تفحُّصٍ موضوعيٍّ يتقصَّد تعرُّف مصادر مكونات الثقافة الفلسطينية، ومكوناتها جميعاً، منذ ما قبل الألف الثالث قبل الميلاد حتَّى يومنا هذا، إلا أنْ يصل إلى خلاصة مؤداها أنَّ هذه الثقافة، كما الهوية التي تأسَّست عليها، لا تضمُّ أي مقدارٍ، مهما ضئل، من التوجه الشوفيني الممقوت الذي يتوخَّى بناء الثقافة والهوية القومية (الأمة) والدَّولة على أساس من الصفاء العنصري (أو العرقي)، أو على الطابع الدِّيني أو العسكري، أو المعادي لأي عرق من الأعراق (فكرة الدولة اليهودية -  العبرية أو فكرة معاداة السامية مثلاً!)، ففي مثل هذا التَّوجه سعيٌّ إلى تضييق هُوية الشَّعب أو الأمة وحصرها في مكونات ثقافية ضيقة، أو في ثقافة مغلقةٍ لا تطيق التعدُّد وتضيق بالتَّنوع، وتتأسَّس على رؤية شوفينية عنصرية استبدادية إقصائية إلغائية غير متسامحة تسعى إلى تضخيم الذَّات فيما هي تقصر مكوناتها على عناصر ترتدُّ إلى عرقٍ وحيد، أو ديانة مفردة، أو معتقد مغلق على من يُفترض أنهم أتباعه (الأنا القومية).
ولكنَّ القدرة الذّاتية التي امتلكتها الثقافة الفلسطينية على نحوٍ أهلها لبناء هويةٍ تخلُص من العنصرية وضيق الأفق والانغلاق وعدم التسامح، لم تكن لتكفل لهذه الثقافة، بعد أنْ تعرَّض أصحابها للاقتلاع من وطنهم أو العيش في محيطٍ غريب عليهم، أنْ تخلو  من عناصر ومكونات سلبية أثقلتها، أو حالت دونها والانطلاق الحرِّ في مسار صيرورة تُجدِّدها، وتجعلها قادرة على خلق هُوية فلسطينية لا تحمل آثار الحروق والجراح الناجمة عن استهداف فلسطين: وطناً وإنساناً وثقافة، بخطر الاغتصاب والإلغاء والانتهاك والطمس من قبل الغزوة الصهيونية المحكومة بثقافة عنصرية مغلقة على نفسها، ومفتوحة على إلغاء الآخر.
إنَّ تخلُّق الهوية الفلسطينية المعاصرة في مرجل كابوس الاقتلاع من الأرض والنَّفي بعيداً عن الوطن أو فيه، وفي سياق المواجهة العنيدة للغزوة الصهيونية، إنما يتطلَّب بذل ما يكفي من الجهد الهادف إلى إعادة تعريف هذه الهوية عبر مراجعة مكوناتها لاستئصال ما هو غير أصيل فيها؛ فقد  كان لتعرُّض هويتنا للتهديد أنْ يستنهض، ضمن ما استنهضه من مقومات وطاقات دفاعية، موقفاً نكوصياً ارتدادياً قائماً على استجابةٍ هي أقرب ما تكون إلى ردة الفعل الهادفةِ حمايةَ الهوية من الأخطار التي تُحدق بها وتُهدِّدها. 
وعلينا، في سياق إدراك مؤسِّسات هذا الموقف النكوصي، أو مؤسِّسات الموقف الهروبي الذي يُقابله، أنْ نواصل قراءة هويتنا ومساءلتها وإعادة تأويلها، عبر تفحُّص جسدها الذي تعرَّض، ولا يزال يتعرَّض، لكابوس متواصل يتقاذفها ما  بين هاويتين بلا قاع أو قرار: هاوية الاستلاب، وهاوية الهروب: إنَّ الذَّهاب إلى الماضي والإغراق فيه هروب من العصر، والتماهي بواقع الآخر بوصفه مستقبلاً هو اسم آخر للاستلاب، وكلاهما وجهان لحقيقة واحدة هي في حقيقتها استلاب وهروب يحققان فقدان الهوية، وتشظيها، وفقدان الوطن، وضياع الإنسان!
وليس لمجرد رفع لواء الهوية أنْ يُفضي إلى شيء ذي مغزى أو شأن، لا بدَّ من بذل الجهد الدؤوب من أجل إدراك هذه الهوية إدراكاً معرفياً والشروع في تجسيدها في واقع الحياة عبر الاجتهاد المتواصل والإرادة الحاثَّة المؤسَّسة على معرفة عميقة، وحكمة مقتدرة، ورؤية للعالم واثقة من قدرة الإنسان الفلسطيني ومنفتحة على الآخر وعلى مستقبل الحياة.
ولعلنا، الآن، وقد صار لنا سلطةً وطنيةً ذات وزارات في مقدمتها وزارةٌ للثقافة تحملُ أعباء إعادة بناء ما دمره قرن من صراع مرير لم ينته بعد، أنْ نكون في حاجةٍ ماسَّة إلى نسج علاقة حضارية متجدِّدة مع مكونات هويتنا ولا سيما مع القيم المطلقة التي تُنْتج تلك المكونات، فليس لشيء غير ذلك أنْ يمكننا من حُسن توظيف الهوية توظيفاً خلاقاً يُعزِّز مسيرة تحرُّرنا وبناء مجتمعنا المدني الحر ودولتنا العصرية، لكونه توظيفاً منفتحاً على التجدُّد، ومؤسساً على حقيقة أنَّ الهوية في صيرورةٌ دائمةٌ.
وربما لا يُوجد من مدخل لتحقيق المقولة التي يكثر تردادها هذه الأيام، والتي مفادها أنِّ الإنسان هو صانع التنمية وهو محرِّكها وهدفها وغايتها، إلا المدخل الثقافي الذي يضمن إدماج الثقافة في العملية التنموية بأسرها ويفتح المجال أمام بناء الإنسان القادر على أن يكون محركاً للتنمية، وغايةً لأهدافها.
إنَّ الثقافة ذات شأنٍ وطنيٍّ ومجتمعيٍّ عظيم فهي صانعة هُوِيَّةٍ يصنعها الإنسان وتصنعه، وهي بانية الأوطان والمجتمعات والأمم، وهي حافظة تراثها وتاريخها، وسجل حاضرها، وقاعدة تطورها المستقبلي ونمائها. وإذْ تدين الهويةُ للثقافة بوصفها صانعتها، فإنَّ للثقافة أنْ تلعب دوراً بالغ الأهمية في تجنُّب خلط الأمة بالدولة، وذلك لأنَّ للثقافة من الرَّحابة والاتساع ما  يمكنها من استباق الدولة، ومن تحديد الهدف النهائي لدستورها.
وبما أن الهوية الوطنية مدينة للثقافة التي أوجدتها، فإنَّ الواجب الأول للدولة ممثلةً في وزارة الثقافة وغيرها من المؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية، إنما يتمثَّل في تعزيز الهوية الثقافية التي تُكسب الأمة مكونات هويتها الوطنية، وفي ترسيخ حضور هذه الهوية في مختلف مناحي الحياة والأنشطة الإنسانية جميعاً، وفي العمل على تنميق هذه الهوية وترشيقها، وذلك استكمالاً للدَّور المهم الذي نهضت به منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الثقافية، وسعياً مستمراً صوب الوصول بهذه الهوية إلى أعلى درجات الرَّشاقة والكمال الإنسانيِّ الممكن.
وربما نخلص من المناقشات السابقة إلى تقديم عدد محدود من التوصيات التي نودُّ أن تأخذها الإستراتيجية الثقافية الفلسطينية بالاعتبار:
توصيات:
  • إقامة التواصل الدَّائم مع الهوية بوصفها "ثروة حضارية" وذلك على أسس علميةٍ رصينةٍ ومنهجيةٍ تُحسن قراءة النصَّ وقراءة الواقع، وتفهم حركة التاريخ وتدرك شروط الواقع وأولوياته، وتتطلع بوعيٍّ عميق إلى المستقبل، فتربط ماضياً بحاضر وحاضراً بمستقبل، وتتوخَّى تحقيق تواصل عمليٍّ فعَّال مع الهوية عبر إزالة الكوابح التي تمنع تجدُّدها الدَّائم، أو تحول دون تنزيل مطلقاتها على واقعنا النسبي والمتحوِّل باستمرار حقائقَ حياتيةٍ وتصرفاتٍ ومناهجَ سلوكٍ وخطط عملٍ لحاضر يتحقَّق ومستقبل قابل للتحقيق، وإسهاماً فعليٍّاً في بناء حضارة الإنسان، ومجده.
  • إدماج البعد الثقافي في العملية التنموية بأكملها، وذلك في سياق يؤكِّد أهمية التفاعل بين الثقافة والتنمية، ويُرسَّخ الوعي بالأهمية الجوهرية التي تتمتَّع بها الثقافة في وضع سياسات تنموية ثاقبة تضمن تحقيق تنميةٍ بشريةٍ مُستدامةٍ تتأسَّس على القيم الثقافية الوطنية الثَّرية وتنفتحُ على ثراء التنوع الثقافي الإنسانيِّ، وتطور الحياة.
  • إضاءة قيم الحرية والعدل والمساواة والسَّلام، ومبادىء حقوق الإنسان المتأصَّلة في نسيج الثقافة الوطنية الفلسطينية، وتعزيز اندماجها وحضورها في الأنشطة الإنسانية جميعاً، وفي الإبداع الثقافي وتجليات السُّلوك، وهو الأمر الذي يتطلَّبُ الاستمرار في إجراء من استبدالات تفضي إلى تعزيز حضور منظومات القيم الفكرية والثقافية والاجتماعية التي تكفل لنا الانتقال إلى المجتمع المدني الحرٍِّ الذي يمكن أنْ يحتضن عملية بناء الدولة الفلسطينية الديمقراطية العصرية، ويجعلنا مطمئنين إلى إمكانية نشوء هذه الدولة.   
  • تمكين المثقفين الفلسطينيين، والمؤسسات الثقافية الفلسطينية الحكومية وغير الحكومية، من توظيف الثقافة والمعرفة توظيفاً جاداً يسهم، بفاعليةٍ، في بناء المجتمع المدني الفلسطيني الذي يمثَّل منطلقاً لا بدَّ منه، وقاعدةً ضرورية، لبناء الدَّولة الفلسطينية الديمقراطية العصرية، ومجالاً حيوياً لحضورها ولقدرتها على أداء دورها.

Le schéma corporel         
Le schéma corporel est la connaissance, la représentation, le vécu que l'enfant a de son propre corps. Il s'élabore lentement (il est achevé vers 11-12 ans) avec la maturité, il représente ce qu'il vit, ce qu'il expérimente, il sera indispensable à la construction de la personnalité de l'enfant.
Cette représentation résulte essentiellement de l'intégration des informations sensorielles multiples à la fois extéroceptives (visuelles, tactiles et auditives) et proprioceptives (cénesthésiques et kinesthésiques), notamment vestibulaires, musculaires, articulaires, tendineuses. La notion de schéma corporel se situe à la fois du côté du sensible (somato-esthésie) et du côté de la conscience (de soi).
Le terme a été créé en 1923 par un neuropsychiatre viennois,. Il a d'abord découvert l'ensemble des données cénesthésiques et sensorielles fournies par le corps lui-même, puis s'est étendu aux représentations et significations symboliques mettant en jeu toute la personnalité. Ce phénomène étant un produit à la fois de l'innée et de l'acquis, c'est-à-dire, de l'hérédité et du milieu.

السلوك العدواني في المدرسة ، كيف نحد منه

السلوك العدواني في المدرسة ، كيف نحد منه ؟
الأستاذة ربى محمد ديب الدرع

        إن الأطفال العدوانيين لم يولدوا كذلك، فربما كانوا قد اكتسبوا هذا السلوك العنيف لأول مرة في المنزل، حين كان الوالدان يستخدمان السلوك العدواني في حل المشاكل أو مواجهة بعضهما البعض. وقد يتعلم أطفالهم منذ مرحلة مبكرة أن العنف هو أفضل طريق للحصول على ما يريدون. كما قد يتعلمون أن مواجهة التحديات إنما هو بالشدة, وأن والتعبير عن أنفسهم إنما يكون باستخدام أيديهم بدلا من الكلام..كما قد يتعلم الأطفال السلوك العدواني من خلال وسائل الإعلام. حيث أن كم مشاهد العنف التي يتعرضون لها كبير للغاية. وقد أثبتت البحوث أن الأطفال الذين يشاهدون العنف كثيرا ينظرون إلى العدوان بوصفه أسلوبا مقبولا لحل المشاكل!

الأطفال العدوانيون داخل المدرسة يمثلون تحديا ملموسا لمعلميهم، فهم يشيعون جوا من الخوف في داخل فصولهم المدرسية، ويثيرون القلق والانزعاج بين زملائهم، ويعطلونهم عن متابعة واجباتهم الدراسية. وقد يتطور سلوكهم العدواني هذا إلى إيذاء من خلال قيام الطالب بإرهاب الأطفال الآخرين بدنيا أو نفسيا، وتفيد الإحصائيات أن من بين 15 إلى 20 % من الأطفال يتعرضون للإيذاء عند مرحلة معينة بالمدرسة، ما يترك في نفوسهم آلاما لا تندمل حتى عندما يكبرون، حيث يعاني هؤلاء الضحايا من الإحساس بالقلق والترقب والخوف والاكتئاب، وقد يتملكهم الفزع لدرجة أنهم يطلبون من أهلهم أن يتركوهم ليمكثوا في المنزل ولا يذهبوا للمدرسة.
LA GESTION DU TEMPS...
Vous voilà à méditer sur la session qui commence, sur tout ce que vous aurez à faire au cours des prochaines semaines. Vos sentiments sont partagés entre l’emballement du nouveau et la peur de manquer de temps. Vous savez que vous allez être bombardé de choses à faire et vous n’êtes pas sûr de l’état dans lequel vous allez finir le combat. Vous songez aux quelques travaux longs ou aux interminables listes de problèmes qui sont prévus, puis à la dizaine d’examens que vous aurez à préparer que déjà vous ployez devant la pointe de l’iceberg. Puis il y a les réunions d’équipe qui vous stressent presque autant que les nombreuses heures de recherche à la bibliothèque. La pensée d’une semaine de relâche et l’espoir d’une tempête de neige vous rassurent temporairement mais cela perd tout effet lorsque reviennent les images plus laborieuses. Vous imaginez maintenant que vous aurez à assister à quelques centaines d’heures de cours : la seule idée d’être assis aussi longtemps vous soulève de votre chaise.
Puis, vous réalisez que vous devrez passer encore plus d’heures à votre table de travail : le vertige vous prend et vous retombez immédiatement assis. C’est probablement dans cette position que vous attaquerez les pages qui suivent, geste qui peut vous permettre, lectrice et lecteur affairés, de gagner beaucoup de temps.

Faut-il en finir avec la télévision ?

Faut-il en finir avec la télévision ?
La plupart des études scientifiques montrent que la télévision a des effets délétères sur le développement mental et la santé physique. Pourtant, médias et pouvoirs publics restent très discrets sur la question…
Michel Desmurget, directeur de recherche à l’INSERM, poursuit ses travaux au Centre de neurosciences cognitives, à Lyon.
Selon les experts de l’industrie médiatique, la télévision serait bienfaisante. Organisée par des professionnels humanistes, elle contribuerait à stimuler l’intelligence, à développer le langage, à éveiller la créativité, à cultiver l’esprit, à créer du lien social, etc. Son rôle sur l’obésité, le tabagisme, la violence, l’alcoolisme, les conduites sexuelles à risques ne serait nullement établi et au pire limité à quelques sujets prédisposés. Quand une voix s’élève pour contester cet apaisant tableau, elle est caricaturée et vilipendée pour délit d’intégrisme, d’outrance, de démagogie ou de diabolisation. Critiquer la télévision serait le passe-temps favori d’une élite aigrie, nostalgique de sa notoriété passée.

الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء وآثرها على شخصياتهم


الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء وآثرها على شخصياتهم

وتتكون الأساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل إما لجهل الوالدين بتلك الطرق أو لاتباع أسلوب الآباء والأمهات والجدات أو لحرمان الأب او الأم من اتجاه معين، فالأب عندما يحرم من الحنان في صغره تراه يغدق على طفله بهذه العاطفة أو العكس، بعض الآباء يريد أن يطبق نفس الأسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه، وكذلك الحال بالنسبة للأم.
وسأتطرق هنا لتلك الاتجاهات غير السوية والخاطئة التي ينتهجها الوالدان أو أحدهما في تربية الطفل والتي تترك بآثارها سلبـًا على شخصية الأبناء,
سنتحدث في حلقات متواصلة إن شاء الله عن تلك الأساليب والاتجاهات الخاطئة وآثرها على شخصية الطفل وهي:
1- التسلط.
2- الحماية الزائدة.
3- الإهمال.
4- التدليل.
5- القسوة.
6-التذبذب في معاملة الطفل.
7-إثارة الألم النفسي في الطفل.
8-التفرقة بين الأبناء وغيرها...
فكونوا معنا.....

التسلط أو السيطرة

ويعني تحكم الأب او الأم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها، حتى ولو كانت مشروعة، أو الزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكاناته، ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحيانـًا، وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات، كأن تفرض الأم على الطفل ارتداء ملابس معينة أو طعام معين أو أصدقاء معينين، أيضـًا عندما يفرض الوالدان على الابن تخصص معين في الجامعة أو دخول قسم معين في الثانوية قسم العلمي أو الأدبي..أو.. أو.. إلخ, ظنـًّا من الوالدين أن ذلك في مصلحة الطفل من دون أن يعلموا أن لذلك الأسلوب خطرًا على صحة الطفل النفسية وعلى شخصيته مستقبلاً.
ونتيجة لذلك الأسلوب المتبع في التربية ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع الآخرين لا يستطيع أن يبدع أو أن يفكر, وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة، كما يساعد اتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصية قلقة خائفة دائمـًا من السلطة، تتسم بالخجل والحساسية الزائدة، ويفقد الطفل الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، وشعور دائم بالتقصير وعدم الإنجاز، وقد ينتج عن اتباع هذا الأسلوب طفل عدواني يخرب ويكسر اشياء الآخرين لأن الطفل في صغره لم

كيف نحمي أطفالنا من المشاكل النفسي

 كيف نحمي أطفالنا من المشاكل النفسية

 الطفل كائن رقيق سهل التشكيل وسهل التأثر بما يدور حوله ومن هنا تكون مسئوليتنا نحن الآباء والأمهات كبيرة في تنشئة الطفل وتوجيهه .. اما الى الطريق الصحيح فينشأ شابا على نهج سليم بعيدا عن الاضطرابات والمشاكل النفسية .. واما ان ينشأ مليئاً بالعقد النفسية التي تؤدي به اما الى الجنوح او المرض النفسي
نستعرض في هذا القسم الاسباب التي تؤدي الى المشكل النفسية للطفل والتي علينا ان نضعها دائما في الاعتبار ونتجنبها قدر الامكان حتى ننعم بأطفال يتمتعون بصحة نفسية جيدة.